كُنتُ ذات يوم أمشي في طريقي لوحدي,,
فتعثرت قدمي ,, و سقطتُ على الأرض,,
فانتشلني أحدُ المارة ,, وساعدني على الوقوف
من جديد,, ثم سألني ,, ما بِكَ ؟ لما تعثرت؟
ألم ترا أمامك,, هل نظرك ضعيف أم ,,,
تُراك ضرير و أعمى ...؟
صمتُ قليلاً ,, فعاود يسألُني نفس الأسئلة
فقُلتُ له,, و بعضُ الدمعات تحاول أن تهرُب
من بين جفوني ,, كالأسير الذي يحاول الهروب
من سجنه ,, الذي حُكِم عليه أن يقضي
ما تبقى من عُمره بهِ أسير,, ولكني بكل قسوة
أمسكتُ تلك الدمعات التي تحاول الهروب
و أعدتُها ,, لسجنها من جديد
وقُلتُ له,, أنا الضرير الذي يرى ..؟
فنظر لي مُتعجِباً من جوابي ,, وقال ,, كيف؟
قُلتُ لهُ,, أنا أرى ولستُ ضرير ولا أعمى
ولكني برغم أني هكذا ,, فأنا لا أرى ..
فعاوده التعجب من جديد ,, وسألني وكيف,,
قُلتُ لهُ,, أسألُهُ,, هل أحببت ذات يوم
هل عشقت ذات يوم ,,؟
قال لي نعم ,, ولكن ماعلاقة سؤالي بسؤالك؟؟
قُلتُ لهُ,, أنا أحببتُ ذات يوم و عشقت
وكم كُنتُ ساذجاً ومُغفلاً لأني أحببتُ
وعشقتُ,, بكل صدق وأمانة ووفاء
قال كيف,, قُلتُ لهُ,, لأني قد وهبتُ من أُحِبُها
كل شي في حياتي ,,
فأصبحت هي قلبي و إحساسي ,, بنضي
و دمي و شرياني ,, صوتي و همسي وكلامي
هدوئي .. و ثوراني و جنوني و عقلي وحكمتي
أصبت لي كل شيء قد يخطر لك على بال
وقد لا يخطُر,, أصبحت سمعي و بصري
وهبتُها نظري ,, وصوتي
وغدوتُ ,,أتحدثُ بصوتها وأرى بعينيها
كُنتُ,,أرى كل شيء في هذه الدنيا
ولكنني عندما أحببتُها ,, أصبحتُ أراهُ
ولكن بلون أخر ,, وطريقة أُخرى
و أسمع بطريقة أُخرى
نعم كُنتُ أرى و أسمع ولكن حُبُها وعشقي لها
غيري كل مفاهِيمي عن الألوان و الأصوات
و اللمس و الذوق و الإحساس,,
كُنتُ أرى الورود ,,و السماء و البحر
ولكن عندما أحببتُها ,, رأيتُهم ورأيتُ كل شيء
بشكل أخر ,, فلم أكُن أعرف أن حُبي لها
وعشقي لها ,,لحد الجنون وما فوق الجنون
سيجعلُني أرى و أسمع وكأني لم أرى
ولم أسمع من قبل ..
فالألوان ما عادت هي الألوان والمكان
ماعاد هو المكان ,,تغريد العصافير لم يعُد
هو تغريدها ,, لأن صوتها هو أعذب
و أجمل من تغريد العصافير و البلابل
ولون عينيها ,, أجمل ألف ألف مرة من
كل الورود و الزهور و البحور
حتى جاء اليوم ,, الذي مات فيه كل شيء
ضاع فيه كل شيء ,,
فأصحبتُ أنا الضرير الذي يرى
و الأصم الذي يسمع ,,
و الأبكم الذي يتكلم
و الميت الحي ,,,,,,,
رحلت وأخذت معها عيناي
أخذت معها سمعي و نظري و صوتي
أصبحتُ أنا الضرير الذي أرى وأنا لا أرى..
فبالله عليك ,,, إن ذات يوم رأيتها ,,
قُل لها ,, أن ترُد لي بصري و سمعي
أُريدُ أن أرى ,,,لساعة واحدة
لدقيقة واحدة ,, للحظة واحدة
أتدري لماذا...؟؟؟
حتى أبحثُ عنها من جديد و أُنادي عليها من جديد
و أُحِبُها و أعشقُها من جديد,,,
فقال لي ,,عجباً لك أيُها البصيرُ الضرير,,
نعم فأنا البصيرُ الضرير
أنا الميتُ الحي,,,
كُل يوم أسيرُ في هذا الطريق وحيداً
فقط ,,, مع أحزاني و جراحي
كل يوم صباح مساء
و أنظُر إلى القمر ,,في السماء وأسألُهُ,,
أتُراك أيُها القمر قد رأيت حبيبتي
هل تُراك قد شممت رائحة عطرها ,,
هل تُراك قد لمحت بريق عينيها,,
و أعود وأسير في ليلي وحيداً ,,و أتعثر
و أسقط ,,و أقفُ من جديد,,كي أسقط من جديد
وأنا أبحثُ عنها في كل زوايا الطريق
وفي كل حبات التراب في الطريق
لعلي أجِدُ شيئاً منها
أو لعلي أشٌم رائحة عطرها
و كُلي أمل أن ذاك الباب المُغلق يعود
ويُفتح من جديد
فتخرُجُ من حجرتِها و تقفُ كالقمر على شُرفتها
تقِفُ كملكة تنظُرُ ,, لجواريها
أسيرُ كل يوم
كل ليلة كُل صباح لعلي أتعثرُ
بوردة من الورود التي كُنتُ لها أهديها ,,
كي أحمِلُها بين يداي و أشٌم منها عِطرُ حبيبتي
المُنسكب على صدرها ,,, حيثُ كانت تغفو تلك
الوردة ,, فقد كانت تحتضن كل وردة
كُنتُ لها أُهدِيها ,, و تقول لي سأُبقِيها على
صدري ,, كأنها أنت من أحتضن,,,
أو لعلي أراها تُطِلُ من شُرفتها و أن كان
من بعيد لعلي أراها ,,
فهل تُراك عرفت الآن ...
أني أنا الميتُ الحي
أني أنا الضريرُ البصير ,,
فبالله عليك,, إن رأيتها ذات يوم بلِغها
سلامي و أشواقي لها ,,و حبي و عشقي لعينيها
وقُل لها ,,إن كانت مازالت بعد تعشقني و تهواني
إن كانت بعد تذكُرني ,, لتأتي ذات يوم
تزُورُ قبري حيثُ أرقُد ولتضع وردة
على صدري وليتها تعلم كم هو مقدار حُبي لها
ليتها تعلم و تُحِس كم مقدار شوقي لها ولعينيها
فاليوم ,, حان موعد رحيلي
واليوم هو يوم وفاتي ,,
بلغها ,, سلامي لها و أشواقي
وقُل لها .. قتِلُكِ,,اليوم ماااات
و بالسواد لُف جسدهُ النحيل
و تحت التُراب ,,,سكن
فقد غدا ,,بعد رحيلك عنه عليل
اليوم مات قتِلُكِ,,مات كما عاش وهو يُحِبُكِ
مات وهو يُحبك و يعشقُكِ
فقد كُنتِ في عيناهُ كُل النساء
و أجملُ النساء
أول ,,,النساء و آآآخر النساء
فلا قبلكِ ,,,توجد نساء
ولا بعدكِ توجدُ نساء
قُل لها ,,,الآن أُخرُجي من جديد لِشُرفتكِ
كما كُنتِ من قبلٌ تخرُجين و تجلسين
ومع سواه ويدكِ بيده و لغيره تحضُنين
الآن أُخرُجي ولا تخافي
فمن كان ذات يوم متوهماً أنهُ حبيبُكِ
قد ماااات هذا اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق